نمایش نوار ابزار

شرح فقره و تفضل علی الغزاه بالنصر والغلبه، وعلى الاسراء بالخلاص والراحه

بسم الله الرحمن الرحیم
نواصل حدیثنا عن الادعیه المبارکه، ومنها ادعیه الامام المهدی (علیه السلام)، حیث حدثناک عن أحد ادعیته وهو دعاء یتضمن مواضیع دنیویه واخرویه حیث ورد فی احد مقاطعه المتسلسله التوسل بالله تعالى بان یتفضل على : )الغزاه بالنصر والغلبه، وعلى الاسراء بالخلاص والراحه، …
أن هناک صراع حق، وصراع باطل، کما أن هناک معرکه بین الحق والباطل، والصراع الدینی هو الصراع الحق، وما سواه صراع زائف.ذلک لأن الصراع الدینی یرید تحقیق حکم الله، وبالتالی فإنه یرید تحقیق السلام والعدل والحریه والرفاه الشامل.
إن الصراع الحق هو من أجل إنهاء کل الصراعات الزائفه التی تهدف سلب حقوق الإنسان.من هنا.. کان الجهاد فی الشریعه الإسلامیه فریضه واجبه مقدسه، کما هی الصلاه والحج، وفروع الدین الأخرى.
إن الجهاد جزء رئیسی فی بناء الإسلام، وإذا ما حذفناه من برنامج الأمه ومنهجها وسلوکیات أبنائها فإن هذه الأمه سوف تضیع ـ لا سمح الله ـ.
یقول الإمام الصادق (علیه السلام):(أصل الإسلام الصلاه، وفرعه الزکاه، وذروه سنامه الجهاد).
وکأن الإمام (علیه السلام) یرید أن یؤکد أن الإسلام متکامل فهو لیس الصلاه فقط ـ وإن کانت أصله ـ فهناک الزکاه.. وهناک الجهاد فی الذروه.والذروه تعنی القمه و(فوق کل ذی بر بر حتى یقتل المرء فی سبیل الله). إنها أعلى مراحل الجهاد.
حتى قضیه الإیمان لیست جزءاً واحداً بل هی عده أجزاء ینبغی أن نعمل بها جمیعاً حتى نصل إلى حقیقه الإیمان.
یقول الإمام علی (علیه السلام) موضحاً هذه الحقیقه: (الإیمان أربعه أرکان.. الصبر والیقین والعدل والجهاد).
أجل.. الجهاد ضروره حضاریه منها، ولو ترکت ذلک أی أمه فإنها ستبوء بالذل والعبودیه.
فإذا کان الدفاع عن الذهب والمجوهرات ضد السارقین دفاعاً مشروعاً ونافعاً، فإن الدفاع عن الدین ومقدسات الأمه أعظم مشروعیه وأنبل فائده، فهو یحفظ للأمه کرامتها وعزتها وشرفها.ثم إننا لو ترکنا الجهاد، فلننتظر المحق فی الدین.
أی فلننتظر ونتوقع أن یمنعونا من أداء فرائض الإسلام کالصلاه والصیام والخُمس والزکاه وغیرها.. تماماً کما فعلوها فی الاتحاد السوفیاتی وفی دول أوروبا الشرقیه، حیث محق الإسلام.
وإن الظلم الذی یمارسه المستکبرون، ویفرضونه على المستضعفین هو أحد الأسباب التی تجعل الجهاد ضروره ومسؤولیه على عواتق الجمیع. یقول الله عز وجل: (أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِیرٌ)
ان هذه الفقره من الدعاء تقتادنا الى تکرار حقیقه فی غایه الاهمیه الا وهی: ان الادعیه لیست منحصره فی المناجاه الفردیه بین العبد والله تعالى، کما لیست منحصره فی الامور المرتبطه بالتعامل الوجدانی الصرف، بل ان الادعیه – کسائر نصوص الشرع- تتناول مختلف شؤون الحیاه فی میدان السیاسه والاقتصاد والاداره الخ… فما هو طابع الفقره التی لاحظناها؟
فالفقره التی لاحظناها الآن من دعاء الامام المهدی (علیه السلام) تتناول جانباً سیاسیاً وعسکریاً: کما هو واضح، حیث تتحدث عن الغزاه ای المعارک التی یخوضها المسلمون ضد اعدائهم، والاسرى الذین یقعون فی أیدی اعدائهم حیث یتوسل بالله تعالى بالنسبه الى الاسرى المسلمین بالخلاص والراحه.
والسؤال المهم هو: مادام – کما لاحظنا وطابع هذا الدعاء متمثلاً فی التوسل الزوجی ای: طرح طابعین فی کل فقره، حیث تضمن الحدیث عن المجاهدین بالنصر والغلبه، وعن الاسرى: بالخلاص والراحه، لذلک نتساءل ما هی النکات الکامنه وراء کل من الطابعین المذکورین.
بالنسبه الى توسل الامام المهدی (علیه السلام) بالله تعالى بان یتفضل على الغزاه بالنصر والغلبه. یمکننا الذهاب الى ان طابعی النصر والغلبه یعنیان الطموح الذی ینتظره المجاهدون وهو: غلبه الاسلام على الکفر.
هنا لابد من ملاحظه موضوعین احدهما هو (النصر)حیث توسل الدعاء بالله تعالى بان یتفضل على المجاهدین بالنصر.

فالنصرمن الممکن ان یکون عقائدیاً(کالنصر الذی احرزه الامام الحسین (علیه السلام)فی معرکته)وحینا یکون الطموح متمثلاً فی النصر وفی الغلبه ای: النصر العسکری ایضاً مثل معرکه بدر على سبیل المثال، ومن البین ان لکل من هذین الطموحین مسوغه، فالنصرالعقائدی هو: امتحان للمجاهدین لملاحظه مدى التزامهم أو عدمه بممارسه الجهاد: فهل ینصاع الجند جمیعاً الى التطوع، او یتخلف البعض، أو یهدف الى الغنیمه بعض ثالث، وهکذا ورد فی النص القرآنی الکریم، ان الله قادر على نصر المسلمین ولکن لیبلوهم فی هذه التجربه، سواء کانت النتیجه هی الغلبه العسکریه أو النصر العقائدی
فـضــل المجـاهـدیــن     إن أغلب الجیوش المحاربه ـ فی العالم ـ تدخل المعارک وهدفها تحقیق النصر على الأرض، أو تحقیق بعض المکاسب السیاسیه.أی أنها تخوض الحرب من أجل النصر، وإذا هزمت فلا شیء لها غیر تجرع غصص الفشل والهزیمه النکراء.
ولکن.. یختلف هذا الأمر بالنسبه للمسلمین.فالجیوش الإسلامیه.. إنما تقاتل ـ بالدرجه الأولى ـ من أجل الله وکسب الآخره.
ولهذا فالجیش الإسلامی منتصر فی کلتی الحالتین، فی حاله النصر أو فی حاله الهزیمه.فهو إذا حقق الانتصار کتب له الأجر، وإذا استشهد کتب له الأجر أیضاً.
إذن.. فالهدف الأول من دخول الحرب ـ عند المجاهدین ـ هو الفوز بالآخره، وربح الجنه، وضمان النصر لیس شرطاً لدخولهم المعرکه.    وقد یسأل سائل.. وما الذی سیربحه المجاهدون هناک؟وما هو الفضل الذی سیقدمه الله ـ عز وجل ـ لهم؟
للجواب على ذلک، نتصفح آیات الذکر الحکیم..
– یقول الله تعالى:  (الَّذِینَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِی سَبِیلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَهً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِکَ هُمُ الْفَائِزُونَ یُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَهٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِیهَا نَعِیمٌ مُّقِیمٌ خَالِدِینَ فِیهَا أَبَداً إِنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِیمٌ ).
ونستنبط من خلال هذه الآیات الحقائق التالیه:
أولاً: طالما أن الإنسان ـ فی هذه الدنیا ـ یسعى ویفنی عمره بالکد والعمل والدراسه، وکل هدفه الحصول على الرفاه والراحه والفوز بالسعاده فی الحیاه الدنیا.
لذلک فإن الله (تعالى) أکد بأن الفوز العظیم والحصول على السعاده الخالده إنما یکون بالجهاد ولیس بمتاع الدنیا.
ثانیاً: البشرى بالرحمه والرضوان.                                                      ثالثاً: الخلود فی الجنه والحصول على الثواب الجزیل.
– ویؤکد الله عز وجل على الفوز العظیم فیقول: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّهَیُقَاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَیَقْتُلُونَ وَیُقْتَلُونَوَعْدًا عَلَیْهِ حَقًّا فِی التَّوْرَاهِ وَالْإِنجِیلِ وَالْقُرْآنِ  وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِفَاسْتَبْشِرُوا بِبَیْعِکُمُ الَّذِی بَایَعْتُم بِهِ  وَذَٰلِکَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ
– وبما أن البشریه تبحث ـ دوماً ـ عن التجاره والحصول على الربح، والخوف من الفشل، وحب المساکن وترک الهجره، لذلک فقد قال الله عز وجل:(یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّکُمْ عَلَىٰ تِجَارَهٍ تُنجِیکُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِیمٍ  تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِکُمْ وَأَنفُسِکُمْ  ذَٰلِکُمْ خَیْرٌ لَّکُمْ إِن کُنتُمْ تَعْلَمُونَ یَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ وَیُدْخِلْکُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاکِنَ طَیِّبَهً فِی جَنَّاتِ عَدْنٍ  ذَٰلِکَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ)
ترى هل هناک أفضل من هذا التفضیل؟
ولنرى أیضاً ما الذی تقوله الأحادیث والروایات بهذا الصدد:
-عن النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله وسلم):(للجنه باب یقال له باب المجاهدین، یمضون إلیه فإذا هو مفتوح، وهم متقلدون بسیوفهم، والجمع فی الموقف، والملائکه ترحب بهم).
– ویقول الإمام علی بن الحسین (علیهما السلام):(بینما أمیر المؤمنین (علیه السلام) یَخْطُبُ النَّاسَ وَ یَحُضُّهُمْ عَلَى الْجِهَادِ إِذْ قَامَ إِلَیْهِ شَابٌّ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِین… إِنَّ الْغُزَاهَ إِذَا هَمُّوا بِالْغَزْوِ کَتَبَ اللَّهُ لَهُمْ بَرَاءَهً مِنَ النَّارِ فَإِذَا تَجَهَّزُوا لِغَزْوِهِمْ بَاهَى اللَّهُ تَعَالَى بِهِمُ الْمَلَائِکَهَ فَإِذَا وَدَّعَهُمْ أَهْلُوهُمْ بَکَتْ عَلَیْهِمُ الْحِیطَانُ وَ الْبُیُوتُ وَ یَخْرُجُونَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ کَمَا تَخْرُجُ الْحَیَّهُ مِنْ سِلْخِهَا وَ یُوَکِّلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِمْ بِکُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَرْبَعِینَ أَلْفَ مَلَکٍ یَحْفَظُونَهُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ یَمِینِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ لَا یَعْمَلُ حَسَنَهً إِلَّا ضُعِّفَتْ لَه وَ یُکْتَبُ لَهُ کُلَّ یَوْمٍ عِبَادَهُ أَلْفِ رَجُلٍ یَعْبُدُونَ اللَّهَ أَلْفَ سَنَهٍ کُلُّ سَنَهٍ ثَلَاثُ مِائَهٍ وَ سِتُّونَ یَوْماً وَ الْیَوْمُ مِثْلُ عُمُرِ الدُّنیاْ)
للدعاء أهمیه کبیره وخاصه وقد أعطى الإمام السجاد (علیه السلام) جانباً کبیراً من حیاته الرسالیه فی توعیه الجماهیر ونشر مفاهیم الإسلام عبر الدعاء، وکان یدعو للمجاهدین والمقاتلین ویطلب من الله لهم النصر والظفر المبین.
وهناک دعاء معروف للإمام السجاد (علیه السلام) بدعاء أهل الثغور، حیث یدعو فیه الإمام للمجاهدین، وهو کما یلی:
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَحَصِّنْ ثُغُورَ الْمُسْلِمِینَ بِعِزَّتِکَ ، وَأَیِّدْ حُمَاتَهَا بِقُوَّتِکَ ، وَأَسْبِغْ عَطَایَاهُمْ مِنْ جِدَتِکَ .
وهذا بالنسبه الى الغزاه وماذا بالنسبه الى الاسرى؟ لاحظنا ان فقره الدعاء تتوسل بالله تعالى بأن یتفضل على الاسرى بالخلاص والراحه.
والسؤال: لماذا ذکر الدعاء هذین الموضوعین دون احدهما (کما لو اقتصر على الخلاص من الاسر، ولکنه (علیه السلام) أضاف الیه الراحه ایضاً؟
الجواب: انه من الممکن ان یتخلص المأسور من العدو، ولکن تظل الأثار النفسیه والبدنیه وسواهما مقترنه مع حیاه الاسیر مما تسلبه الراحه المطلوبه. سائلین الله تعالى ان یوفقنا الى مجاهده اعدائه، وان یوفقنا الى ممارسه الطاعه، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

مطالب مشابه
دیدگاه ها