بسم الله الرحمن الرحیم
لا نزال نحدثک عن الادعیه المبارکه، ومنها أدعیه الامام المهدی (علیه السلام) حیث حدثناک عن فقرات متسلسله من أحد أدعیته الخاص بحاجات دنیویه واخرویه وانتهینا من ذلک الى فقرات ختم بها الدعاء، وهی التوسل بالله تعالى بان یبارک: (للحجاج والزوار فی الزاد والنفقه) ، ویقول: (واقض ما أوجبت علیهم من الحج والعمره، برحمتک یا ارحم الراحمین) ،
ان هذه الفقره التی ختم بها الدعاء هی امتداد لفقرات متنوعه تتناول مختلف قضایا المؤمنین، سواء اکانت ظواهر سیاسیه وعسکریه مثل: التوسل بالله تعالى بأن ینصر الغزاه، ویخلص الاسرى، او ظواهر اقتصادیه کالتوصیه بالتواضع والسعه لدى الاغنیاء والصبر والقناعه لدى الفقراء، أو ظواهر ثقافیه کالتوسل بالله تعالى بأن یتفضل على العلماء بالزهد والنصیحه، وعلى المتعلمین بالجهد والرغبه، … الخ،
ثم ختم الدعاء کما لاحظنا بالتوسل بالله تعالى بأن یتفضل على الحجاج والمعتمرین بما ییسر لهم اتمام حجهم وعمرتهم.
والسؤال الجدید: ماذا نستخلص من الدعاء الخاص بالحجاج والمعتمرین؟
یقول النص متوسلاً بالله تعالى: )وبارک للحجاج والزوار فی الزاد والنفقه(
ان هذه الفقره تحتاج الى تأمل دقیق. کیف ذلک؟
اولاً: لقد صنف الامام (علیه السلام) هذا النمط من الناس الى حجاج وزوار، ثم صنفهم الى حجاج ومعتمرین.
والسؤال: ما هی النکات الکامنه وراء التصنیف المذکور؟
بالنسبه الى الحجاج والزوار، فی تصورنا ان الفقره تقصد بالزو، الحجاج الذین یوفّقون الى زیاره النبی (صلى الله علیه وآله وسلم) والزهراء (علیه السلام) وائمه البقیع (علیهم السلام) وسائر المشاهد، حیث توصی النصوص الشرعیه بضروره توجه الحجاج قبل او بعد مناسک الحج لزیاره النبی (صلى الله علیه وآله وسلم) وأهل بیته (علیهم السلام) وهی توصیه لها دلالتها الجامعه بین زیاره الله تعالى وزیاره الرسول واهل البیت (علیهم السلام) لأن ذلک بمثابه التعبیر عن التمسک بالله تعالى وبأهل البیت بصفه انهما الثقلان: کما هو واضح.
وهذا بالنسبه الى الرابط بین الحج والزیاره،
ولکن ماذا بالنسبه الى الرابط بین الحج والعمره حیث ذکرهما الدعاء بعد الذکر للحاج والزائر؟
من الواضح ان العمره والحج هما المنسکان المطلوب ممارستهما، وخارجاً عن المبنى الفقهی بالنسبه الى الفارق بین الحج والعمره المفرده من جانب، والتفصیل الفقهی لتحدید احدهما عن الآخر، تعنینا الاشاره الى حج التمتع وعمرته الواردتین فی هذا الدعاء متمثله فی التفرقه او الفصل بینهما فی الزمن وفی المنسک والاسرار الکامنه وراء ذلک فیما لا مجال للتفصیل فی ذلک.
اخیراً تبقى الاجابه عن السؤال الثالث الا وهو:
ما هی النکات الکامنه وراء التوسل بالله تعالى بأن یبارک للحجاج والزوار فی الزاد والنفقه؟
واضح ان المسافر محتاج بالضروره الى الزاد والى نفقه السفر، حیث ان الاستطاعه لا تتوفر الا بتوفر هذین العنصرین: المال ووسیله السفر، حیث نعرف ان البعض قد یمتلک مالاً ولکنه لا یستطیع السفر لأسباب صحیه او قانونیه، او العکس، والمهم فی الحالتین فان المبارکه لهذا الموضوع تعنی: تیسیر الحج والعمره بالنحو المطلوب.
وَ بَارِکْ لِلْحُجَّاجِ وَ الزُّوَّارِ فِی الزَّادِ وَ النَّفَقَهِ وَ اقْضِ مَا أَوْجَبْتَ عَلَیْهِمْ مِنَ الْحَجِّ وَ الْعُمْرَهِ بِفَضْلِکَ وَ رَحْمَتِکَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ
الحج فی القرآن
«وَ لِلَّهِ عَلىَ النَّاسِ حِجُّ الْبَیْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَیْهِ سَبِیلًا وَ مَن کَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنىٌِّ عَنِ الْعَالَمِینَ»
الحج فی روایات اهل البیت (علیهم السلام):
عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ جَمِیعاً عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَى عَنْ حَرِیزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زُرَارَهَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ (علیه السلام) قَالَ: «بُنِیَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَهِ أَشْیَاءَ عَلَى الصَّلَاهِ وَ الزَّکَاهِ وَ الْحَجِّ وَ الصَّوْمِ وَ الْوَلَایَهِ
قَالَ زُرَارَهُ فَقُلْتُ وَ أَیُّ شَیْءٍ مِنْ ذَلِکَ أَفْضَلُ فَقَالَ الْوَلَایَهُ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا مِفْتَاحُهُنَّ وَ الْوَالِی هُوَ الدَّلِیلُ عَلَیْهِنَّ
قُلْتُ ثُمَّ الَّذِی یَلِی ذَلِکَ فِی الْفَضْلِ فَقَالَ الصَّلَاهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلی الله علیه و اله) قَالَ الصَّلَاهُ عَمُودُ دِینِکُمْ
قَالَ قُلْتُ ثُمَّ الَّذِی یَلِیهَا فِی الْفَضْلِ قَالَ الزَّکَاهُ لِأَنَّهُ قَرَنَهَا بِهَا وَ بَدَأَ بِالصَّلَاهِ قَبْلَهَا وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلی الله علیه و اله) الزَّکَاهُ تُذْهِبُ الذُّنُوبَ
قُلْتُ وَ الَّذِی یَلِیهَا فِی الْفَضْلِ قَالَ الْحَجُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ( وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَیْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَیْهِ سَبِیلًا وَ مَنْ کَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ الْعالَمِینَ ) وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلی الله علیه و اله) لَحَجَّهٌ مَقْبُولَهٌ خَیْرٌ مِنْ عِشْرِینَ صَلَاهً نَافِلَهً وَ مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَیْتِ طَوَافاً أَحْصَى فِیهِ أُسْبُوعَهُ وَ أَحْسَنَ رَکْعَتَیْهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَ قَالَ فِی یَوْمِ عَرَفَهَ وَ یَوْمِ الْمُزْدَلِفَه..»
عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ (علیه السلام) أَنَّهُ کَانَ یَقُولُ:
«إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ الْإِیمَانُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ الْجِهَادُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ کَلِمَهُ الْإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَهُ وَ تَمَامُ الصَّلَاهِ فَإِنَّهَا الْمِلَّهُ وَ إِیتَاءُ الزَّکَاهِ فَإِنَّهَا مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ وَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّهٌ مِنْ عَذَابِهِ وَ حِجُ الْبَیْتِ فَإِنَّهُ مَنْفَاهٌ لِلْفَقْرِ وَ مَدْحَضَهٌ لِلذَّنْبِ و..»
آداب زائر بیت الله :
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ (علیه السلام) قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِذَا خَرَجْنَا إِلَى أَبِیکَ أَ فَلَسْنَا فِی حَجٍ قَالَ بَلَى قُلْتُ فَیَلْزَمُنَا مَا یَلْزَمُ الْحَاجَّ قَالَ مَا ذَا قُلْتَ مِنَ الْأَشْیَاءِ الَّتِی تَلْزَمُ الْحَاجَّ
قَالَ یَلْزَمُکَ حُسْنُ الصُّحْبَهِ لِمَنْ صَحِبَکَ وَ یَلْزَمُکَ قِلَّهُ الْکَلَامِ إِلَّا بِخَیْرٍ وَ یَلْزَمُکَ کَثْرَهُ ذِکْرِ اللَّهِ وَ یَلْزَمُکَ نَظَافَهُ الثِّیَابِ وَ یَلْزَمُکَ الْغُسْلُ قَبْلَ أَنْ تَأْتِیَ الْحَائِرَ- وَ یَلْزَمُکَ الْخُشُوعُ وَ کَثْرَهُ الصَّلَاهِ وَ الصَّلَاهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ- وَ یَلْزَمُکَ التَّوْقِیرُ لِأَخْذِ مَا لَیْسَ لَکَ وَ یَلْزَمُکَ أَنْ تَغُضَّ بَصَرَکَ وَ یَلْزَمُکَ أَنْ تَعُودَ عَلَى أَهْلِ الْحَاجَهِ مِنْ إِخْوَانِکَ إِذَا رَأَیْتَ مُنْقَطِعاً وَ الْمُوَاسَاهُ وَ یَلْزَمُکَ التَّقِیَّهُ الَّتِی هِیَ قِوَامُ دِینِکَ بِهَا وَ الْوَرَعُ عَمَّا نُهِیتَ عَنْهُ وَ الْخُصُومَهِ وَ کَثْرَهِ الْأَیْمَانِ وَ الْجِدَالِ الَّذِی فِیهِ الْأَیْمَانُ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِکَ تَمَّ حَجُّکَ وَ عُمْرَتُکَ وَ اسْتَوْجَبْتَ مِنَ الَّذِی طَلَبْتَ مَا عِنْدَهُ بِنَفَقَتِکَ أَنْ تَنْصَرِفَ بِالْمَغْفِرَهِ وَ الرَّحْمَهِ وَ الرِّضْوَانِ.»
ختاماً نسأله تعالى ان یوفقنا الى هذین المنسکین (الحج والعمره)، وان یوفقنا الى ممارسه الطاعه بعامه، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
سید سلمان هاشمی امام جمعه شهرستان رامشیر
منوی اصلی