بسم الله الرحمن الرحیم
إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَیْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّینَ الَّذِینَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ وَالَّذِینَ فِی أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَالَّذِینَ یُصَدِّقُونَ بِیَوْمِ الدِّینِوَالَّذِینَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَیْرُ مَأْمُونٍ وَالَّذِینَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَکَتْ أَیْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَیْرُ مَلُومِینَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِکَ فَأُوْلَئِکَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِینَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِینَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ وَالَّذِینَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ یُحَافِظُونَ أُوْلَئِکَ فِی جَنَّاتٍ مُّکْرَمُونَ .
عباد الله اوصیکم و نفسی بتقوی الله
بعد ما تحدثنا عن الصفه الاولی من صفات المصلین نصل الی الصفه الثانیه (حق السائل و المحروم)
َالَّذِینَ فِی أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
کلمه “حقّ” هنا هو إمّا لأنّ الله أوجب ذلک علیهم: کالزکاه والخمس وسائر الحقوق الشرعیه الواجبه، أو لأنّهم التزموه وعاهدوا أنفسهم على ذلک، وفی هذه الصوره یدخل فی هذا المفهوم الواسع حتّى غیر الحقوق الشرعیه الواجبه.
ویعتقد بعض المفسّرین أنّ هذه الآیه ناظره إلى القسم الثانی فحسب، فهی لا تشمل الحقوق الواجبه .. لأنّ الحقوق الواجبه وارده فی أموال الناس جمیعاً، المتّقین وغیر المتّقین حتّى الکفّار.
فعلى هذا حین یقول القرآن: (وفی أموالهم حقّ) فإنّما یعنی أنّه إضافه إلى واجباتهم وحقوقهم أوجبوا على أنفسهم حقّاً ینفقونه من مالهم فی سبیل الله للسائل والمحروم.
وما وصلنا من روایات عن أهل البیت (علیهم السلام) یؤکّد أیضاً أنّ المراد من “حقّ معلوم” شیء غیر الزکاه الواجبه.
إذ نقرأ حدیثاً عن الإمام الصادق (علیه السلام) یقول: “وَ لَکِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَضَ فِی اَمْوَالِ الْاَغْنِیَاءِ حُقُوقاً غَیْرَ الزَّکَاهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الَّذِینَ فِی اَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسّائِلِ فَالْحَقُّ الْمَعْلُومُ غَیْرُ الزَّکَاهِ وَ هُوَ شَیْءٌ یَفْرِضُهُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ فِی مَالِهِ… اِنْ شَاءَ فِی کُلِّ یَوْم وَ اِنْ شَاءَ فِی کُلِّ جُمْعَه وَ اِنْ شَاءَ فِی کُلِّ شَهْر “.
وفی هذا المجال أحادیث متعدّده اُخر منقوله عن الإمام علی بن الحسین والإمام الباقر والإمام الصادق أیضاً
وهکذا فإنّ تفسیر الآیه واضح بیّن.
وهناک کلام فی الفرق بین “السائل” و “المحروم”، فقال بعضهم “السائل” هو من یطلب العون من الناس، أمّا “المحروم” فمن یحافظ على ماء وجهه ویبذل قصارى جهده لیعیش دون أن یمدّ یده إلى أحد، أو یطلب العون من أحد، بل یصبّر نفسه.
وعلى کلّ حال، فهذا التعبیر یشیر إلى هذه الحقیقه وهی لا تنتظروا أن یأتیکم المحتاجون ویمدّوا أیدیهم إلیکم، بل علیکم أن تبحثوا عنهم وتجدوا الأفراد المحرومین الذین یعبّر عنهم القرآن بأنّهم (یحسبهم الجاهل أغنیاء من التعفّف). لتساعدوهم وتحفظوا ماء أوجههم، وهذا دستور مهم لحفظ حیثیه المسلمین المحرومین وینبغی الإهتمام به.
وهؤلاء الأشخاص یمکن معرفتهم – کما صرّح بذلک القرآن “تعرفهم بسیماهم”.
أجل فبرغم سکوتهم إلاّ أنّ فی عمق وجوههم آثار الهموم وما تحمله أنفسهم من آلام یعرفها المطّلعون، ویخبر لون وجههم عن کربتهم.
کلام امیر المومنین علیه السلام حول الانفاق
فَمَنأَتاهُاللهمالاًفْلیَصِلْبِهِالقَرابَهَ، و لْیُحسِن مّنه الضّیافَهَ ، و لْیَفُکَّ بهِ الأسیرَ والعانِی، ولْیُعطِمِنه الفُقیر والغارم ، وَ لیَصْبِرْ نَفْسَهُ عَلَی الْحُقوقِ والنَّوائِب ابْتِغاءَ الثَّوابِ، فَإنَّفَوزاًبهذِهِالْخِصالِ َشرَفُ مَکارِمِ الدُُّنیا ، و درکُ فَضائِل الأخِرَهِ ،إن شاءَ اللهُ .
و قال علیهالسلام :مَنیُّعطِبِالیَدالقصیرهِیُعطََبِالیَدِ الطَّویلَهِ وَ مَعنی ذ لِکَ أنَّ ما یَنفِقهَُ المَرءُ مِن مّالِهِ فِی سَبیلِ الخَیرِ وَ البِّرِ وَإِنْ کانَ یَسیراً فَإنَّ اللهَ تَعالی یَجْعَلُ الجَزاءَ عَلیهِ عَظیماً کثیراًَ، وَ الیَدانِِ ههُنا عِبارَتانِ عَنْ النِّعْمَتَینِ ، فَفَرَقَ علیهالسلامُبَینَنِعمَهِالعَبدِوَ نِعمهَِ الرَّبِّ بِالقَصیرَهِ و الطَّویلَه، فَجَعَلَ تِلکَ قَصیرَهً وَّ هذِهِ طَویلهً ، لِأَنَّ نِعَمَ اللهِ أبَداً تَضعُفُ عَلی نِعمَ المَخلوقِ أَضعافاًً کثیره ، إذ کانَت نِعم اللِه اَصلَ النِعَمَ کلّها ،فکُلُّ نعمهٍ إلیها ترجعُ ومنها تَنزِعُ .
و قال علیهالسلام :انّللهعباداًیّختصُّهُماللهبالنّعملِمنافع العِباد فَیُقِرُّها فی أیدیهم مّا بذ لوها،فإذا َمنَعوها نَزَعَها منهم ثمّ حَوَّلَهآ إلی غیرهم
وَ اعْلَمْ اَنّ أَفْضَلَ المُؤمِنینَ أَفْضَلُهُمْ تَقْدِمَهًً مِّن نًّفْسِهِ وَ أَهْلِهِ وَ مالِهِ ،َ وأَنَّکَ ما تقدم مِّن خَیْرٍ یَّبقَ لَکَ ذُخرُهُ ، وَ ما تُؤَخِّرْهُ یَکُن ِلّغَیِرکَ خَیْرُهُ .
من آثار الانفاق رفع الفقر و الحرمان عن الاجتماع و جانب آخر یقلع البخل و الحرص و حب الدنیا عن المصلین