بسم الله الرحمن الرحیم
اللهم صلِّ على محمدٍ وآله، وبلِّغ بإیمانی أکمل الإیمان واجعل یقینی أفضل الیقین، وأنتهِ بنیتی إلى أحسن النیَّات
کان حدیثنا حول حول هذه الفقره من الدعاء الشریف “وأنتهِ بنیتی إلى أحسن النیَّات ” وقلنا ان البحث قد یکون فی محورین الأول: حول المعنى المراد من النیه، وکیفیه تصحیح النیه، والثانی: حول المراد من “أحسن النیَّات”.
والمتحصل مما ذکرناه فی مقام الحدیث عن تصحیح النیه:
أولاً: هو أنَّ المؤمن لا ینوی الشر وإن غضب أو ابتُزَّ، وأُسیء إلیه. فالمؤمن قد یستاء ویتأذّى من ذلک، إلا أنه لا ینوی الشّر، ولا ینوی الکید، هذه مرتبه.
ثانیاً: أن المؤمن لیس من شأنه أنْ لا ینوی الشرَّ فحسب, بل هو ینوی الخیر دائماً، فینوی أن یُصلی -وقد یُحرم من أن یُصلی-، وینوی أن یقضی حاجهً لمؤمن -وقد یُحرم منها-، وینوی أن یفعل الصالحات فیقوم ببعضها، ویتعذَّر علیه القیام بالأخرى.. فیأتی یوم القیامه وله ثواب کلِّ ما نوى. هذه مرتبه عالیه، وهی سرُّ النجاح -کما أفاد أمیر المؤمنین (علیه السلام)-یقول علیه أفضل الصلاه والسلام: “عوَّد نفسک حُسن النیَّه، وجمیل المقصد تُدرک فی مباغیک النجاح”، کن حریصاً دائماً على قصد الخیر، وعندئذ ستجد النجاح، إن لم یکن نجاحاً فی الدنیا، ففی الآخره.
المحور الثانی: المراد من “أحسن النیَّات “
بعد ذلک نود أن نتحدث عن مفاد قوله (علیه السلام): “أحسن النیَّات”.
قصد الخیر نیَّهٌ حسنه، ولکن ثمَّه نیَّهٌ أحسن منها.. فما هی النیَّه الأحسن؟!
الإخلاص هو أحسن النیَّات
المستفاد من الروایات الشریفات، ومن الآیات المبارکات، أنَّ أحسن النیَّات هی الإخلاص لله -عز اسمه وتقدس-. قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِیَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ﴾
قد یقصد الإنسان الخیر، ولکنه لا یقصد التقرُّب به إلى الله، أو یغفل عن قصد القربه لله.. فهذه النیه لیست من أحسن النیَّات، وقد یقصد الخیر تحبُّباً إلى الله لأن الله یُحبُّ هذا العمل، ولأن الله أمر بهذا العمل فهو یُقدِم علیه، ویُمارسه من هذا المنطلق.. هذه هی أحسن النیَّات.
الإخلاص لله هو أحسن النیَّات، والإخلاص لیس فی العباده فحسب -وإن کان الإخلاص فی العباده شرطٌ فی صحَّتها فلیس من عباده تکون مُجزیهً إلَّا بإخلاص لله عز وجل-، إلَّا أنه ینبغی أن تکون نیَّه المؤمن فی جمیع أعماله، هی قصد التقرّب إلى الله عز وجل وحده. فیستشعر الإنسان فی هذه الدنیا بأنَّه موظف لله عزوجل وللدین.. انظروا، إنَّ الکثیر من الموظفین والعمال قد لا یعملون عن رغبهٍ ذاتیه فی العمل، وإنما یعملون لیرضى عنهم مسئوول العمل. لنکن نحن مع الله هکذا نحن نصلی لیرضى عنّا الله دائما فی حُسباننا وخَلَدنا مراقبه الله عز وجل، لذلک سوف نحرص على أن نُرضیه فی کلِّ عمل.
یقول النبی الکریم (صلی الله علیه و اله) لأبی ذرّ -بما معناه-: “إن استطعت أن لا تأکل ولا تشرب إلا لله فافعل”.
وهذا هو معنى الإخلاص، أن تخلص النیه: یعنی أن یتمحَّض القصد لله عز وجل. فالقلب قد یکون مشوباً بکثیرٍ من القصود، وقد یخلو من کلِّ قصد إلَّا قصد واحد. الإخلاص هو أن یکون قلبک مشغولا بقصدٍ واحد، وهو التزلُّف والتقرُّب إلى الله عز -اسمه وتقدس-. وعندئذ تکون کل حرکهٍ وسکون، وکل فعلٍ من أفعالک محلَّ رضاً لله عز -اسمه وتقدس-.
الإخلاص هو أحمز الأعمال
وهنا قد یُثار تساؤل، وهو: لماذا أُنیط کلُّ عملٍ بنیه القربه، مع أنها قد تبدو من أبسط الأمور؟ فمثلاً: الجهاد والدماء والسیوف والعناء وقضاء الحوائج وإنفاق الأموال والصلاه فی غسق اللیل هذه أعمال شاقه وهذه قد لا یُثاب علیها الإنسان، فی حین یُثاب على النیَّه -مجرَّد القصد- حتى لو لم یتوفق لأداء تلک الأعمال الشاقه؟
والجواب هو إنَّ أصعب شیءٍ، وأشقَّ شیء على الإنسان هو أن یُخلص لله فی عمله. الإخلاص هو أصعب شیء یمکن أن یحظى به الإنسان، لذلک هو یحتاج إلى کثیرٍ من الریاضات، وکثیرٍ من المجاهدات، حتى یتمکَّن من الوصول إلى مرتبه الإخلاص، وهو یحتاج مضافاً لذلک إلى تسدیدٍ وتوفیقٍ، من الله عز وجل. نعم، قصد الخیر لیس أمراً صعباً، وخصوصاً من الإنسان ذی الطباع الخیِّره، وأما قصد التقرّب إلى الله عز وجل والإخلاص إلى الله وأن یفعل العبد الفعل ولا ینتظر أن یُحمد علیه ویقضی حاجهً لأخیه ولا یقصد أن تُقضى فی مقابلها حاجته، فهذا صعبٌ جدا. فالإنسان عادهً ما یقضی حاجهً لأخیه؛ حتى لا یُقال أنه إنسان أنانیّ، ولا یحبُّ الخیر إلا لنفسه.. أو یقضی حاجهً لأخیه منتظراً أن یقضی له حاجته حین یحتاج إلیه.. هذه القصود مخبوءه فی الضمائر وهی تتنافى مع الإخلاص التام
موانع الإخلاص: ما الذی یمنع من الإخلاص؟ وما الذی یُوجب تحصیل الإخلاص؟
نستکمل الحدیث حول الإخلاص فیما بعد إن شاء الله تعالى.
بسم الله الرحمن الرحیم
اللهم صلِّ على محمدٍ وآله، وبلِّغ بإیمانی أکمل الإیمان واجعل یقینی أفضل الیقین، وأنتهِ بنیتی إلى أحسن النیَّات
کان حدیثنا حول حول هذه الفقره من الدعاء الشریف “وأنتهِ بنیتی إلى أحسن النیَّات ” وقلنا ان البحث قد یکون فی محورین الأول: حول المعنى المراد من النیه، وکیفیه تصحیح النیه، والثانی: حول المراد من “أحسن النیَّات”.
والمتحصل مما ذکرناه فی مقام الحدیث عن تصحیح النیه:
أولاً: هو أنَّ المؤمن لا ینوی الشر وإن غضب أو ابتُزَّ، وأُسیء إلیه. فالمؤمن قد یستاء ویتأذّى من ذلک، إلا أنه لا ینوی الشّر، ولا ینوی الکید، هذه مرتبه.
ثانیاً: أن المؤمن لیس من شأنه أنْ لا ینوی الشرَّ فحسب, بل هو ینوی الخیر دائماً، فینوی أن یُصلی -وقد یُحرم من أن یُصلی-، وینوی أن یقضی حاجهً لمؤمن -وقد یُحرم منها-، وینوی أن یفعل الصالحات فیقوم ببعضها، ویتعذَّر علیه القیام بالأخرى.. فیأتی یوم القیامه وله ثواب کلِّ ما نوى. هذه مرتبه عالیه، وهی سرُّ النجاح -کما أفاد أمیر المؤمنین (علیه السلام)-یقول علیه أفضل الصلاه والسلام: “عوَّد نفسک حُسن النیَّه، وجمیل المقصد تُدرک فی مباغیک النجاح”، کن حریصاً دائماً على قصد الخیر، وعندئذ ستجد النجاح، إن لم یکن نجاحاً فی الدنیا، ففی الآخره.
المحور الثانی: المراد من “أحسن النیَّات “
بعد ذلک نود أن نتحدث عن مفاد قوله (علیه السلام): “أحسن النیَّات”.
قصد الخیر نیَّهٌ حسنه، ولکن ثمَّه نیَّهٌ أحسن منها.. فما هی النیَّه الأحسن؟!
الإخلاص هو أحسن النیَّات
المستفاد من الروایات الشریفات، ومن الآیات المبارکات، أنَّ أحسن النیَّات هی الإخلاص لله -عز اسمه وتقدس-. قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِیَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ﴾
قد یقصد الإنسان الخیر، ولکنه لا یقصد التقرُّب به إلى الله، أو یغفل عن قصد القربه لله.. فهذه النیه لیست من أحسن النیَّات، وقد یقصد الخیر تحبُّباً إلى الله لأن الله یُحبُّ هذا العمل، ولأن الله أمر بهذا العمل فهو یُقدِم علیه، ویُمارسه من هذا المنطلق.. هذه هی أحسن النیَّات.
الإخلاص لله هو أحسن النیَّات، والإخلاص لیس فی العباده فحسب -وإن کان الإخلاص فی العباده شرطٌ فی صحَّتها فلیس من عباده تکون مُجزیهً إلَّا بإخلاص لله عز وجل-، إلَّا أنه ینبغی أن تکون نیَّه المؤمن فی جمیع أعماله، هی قصد التقرّب إلى الله عز وجل وحده. فیستشعر الإنسان فی هذه الدنیا بأنَّه موظف لله عزوجل وللدین.. انظروا، إنَّ الکثیر من الموظفین والعمال قد لا یعملون عن رغبهٍ ذاتیه فی العمل، وإنما یعملون لیرضى عنهم مسئوول العمل. لنکن نحن مع الله هکذا نحن نصلی لیرضى عنّا الله دائما فی حُسباننا وخَلَدنا مراقبه الله عز وجل، لذلک سوف نحرص على أن نُرضیه فی کلِّ عمل.
یقول النبی الکریم (صلی الله علیه و اله) لأبی ذرّ -بما معناه-: “إن استطعت أن لا تأکل ولا تشرب إلا لله فافعل”.
وهذا هو معنى الإخلاص، أن تخلص النیه: یعنی أن یتمحَّض القصد لله عز وجل. فالقلب قد یکون مشوباً بکثیرٍ من القصود، وقد یخلو من کلِّ قصد إلَّا قصد واحد. الإخلاص هو أن یکون قلبک مشغولا بقصدٍ واحد، وهو التزلُّف والتقرُّب إلى الله عز -اسمه وتقدس-. وعندئذ تکون کل حرکهٍ وسکون، وکل فعلٍ من أفعالک محلَّ رضاً لله عز -اسمه وتقدس-.
الإخلاص هو أحمز الأعمال
وهنا قد یُثار تساؤل، وهو: لماذا أُنیط کلُّ عملٍ بنیه القربه، مع أنها قد تبدو من أبسط الأمور؟ فمثلاً: الجهاد والدماء والسیوف والعناء وقضاء الحوائج وإنفاق الأموال والصلاه فی غسق اللیل هذه أعمال شاقه وهذه قد لا یُثاب علیها الإنسان، فی حین یُثاب على النیَّه -مجرَّد القصد- حتى لو لم یتوفق لأداء تلک الأعمال الشاقه؟
والجواب هو إنَّ أصعب شیءٍ، وأشقَّ شیء على الإنسان هو أن یُخلص لله فی عمله. الإخلاص هو أصعب شیء یمکن أن یحظى به الإنسان، لذلک هو یحتاج إلى کثیرٍ من الریاضات، وکثیرٍ من المجاهدات، حتى یتمکَّن من الوصول إلى مرتبه الإخلاص، وهو یحتاج مضافاً لذلک إلى تسدیدٍ وتوفیقٍ، من الله عز وجل. نعم، قصد الخیر لیس أمراً صعباً، وخصوصاً من الإنسان ذی الطباع الخیِّره، وأما قصد التقرّب إلى الله عز وجل والإخلاص إلى الله وأن یفعل العبد الفعل ولا ینتظر أن یُحمد علیه ویقضی حاجهً لأخیه ولا یقصد أن تُقضى فی مقابلها حاجته، فهذا صعبٌ جدا. فالإنسان عادهً ما یقضی حاجهً لأخیه؛ حتى لا یُقال أنه إنسان أنانیّ، ولا یحبُّ الخیر إلا لنفسه.. أو یقضی حاجهً لأخیه منتظراً أن یقضی له حاجته حین یحتاج إلیه.. هذه القصود مخبوءه فی الضمائر وهی تتنافى مع الإخلاص التام
موانع الإخلاص: ما الذی یمنع من الإخلاص؟ وما الذی یُوجب تحصیل الإخلاص؟
نستکمل الحدیث حول الإخلاص فیما بعد إن شاء الله تعالى.